skip to Main Content

صحيفة إلفاتو كوتيديانو إيطالية: الأتراك ينتمون لجيش نظامي ومن يقاتل مع حفتر سفاحين مرتزقة وعصابات

صحيفة إلفاتو كوتيديانو إيطالية: الأتراك ينتمون لجيش نظامي ومن يقاتل مع حفتر سفاحين مرتزقة وعصابات

نشرت صحيفة إلفاتو كوتيديانو الإيطالية، مقال للكاتب والخبير في سياسات الشرق الأوسط قويدو رامبولدي، أنه مهما كان عنف الجنود الأتراك إلا أنهم ينتمون إلى جيش نظامي خلافا للسفاحين المرتزقة ولعصابات المليشيات الأفريقية التي تحارب لحساب اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

 

ويرى رامبولدي أنه في حال تمكن الأتراك من كبح جماح حفتر وفرض هدنة في ليبيا، فإن هذا سيدرّ على أنقرة أرباحا هائلة على حساب الأوروبيين، مشيرا لمواقفهم غير الواقعية وغير الحاسمة بشأن الأزمة الليبية على مرّ الشهور الماضية.

 

ويضيف الكاتب أن الأسوأ هو فوز حفتر -فيما لو فاز- الذي سيؤدي إلى فوضى عسكرية طويلة الأمد محفوفة بالمخاطر، فضلا عن أن ذلك سيكلف عملاق الطاقة الإيطالي (إيني) وإيطاليا ثمنا باهظا للغاية.

 

 

 الإعلام وحفتر

ويقول إنه ليس من مصلحة أحد أن تتحوّل ليبيا إلى ساحة معركة بين السيئ والأسوأ، ولكن قبل التغني بالعبارات المعتادة إزاء التخوّف من الأتراك، فإنه يتعيّن على عالم السياسة ووسائل الإعلام في إيطاليا أن يقولوا للناس أخيرا من هو حفتر؟

 

ويضيف أنه يتعين عليهم أيضا أن يكشفوا للناس عن الأساليب الوحشية التي يتبعها، حيث يكفي بهذا الخصوص التذكير بما حدث في 17 يوليو/تموز الماضي بمدينة بنغازي عندما اقتحمت مجموعة من القوات الخاصة تحت إمرة نجله “خالد”، منزل السيدة سهام سرقيوة، عضوة البرلمان الليبي التي تم انتخابها في 2014، واختطفتها بعد إطلاق النار على زوجها والاعتداء على ولدها (14 عاما) بالضرب المبرح.

 

ويشير إلى أنه منذ ذلك الحين، وعلى الرغم من النداءات التي وجهتها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والعديد من المنظمات الإنسانية المطالبة بالكشف عن مصير هذه المثقفة الليبية، فإنه لم ترد أي أنباء عنها.

ويضيف أنه لا أحد يشك في أنها قُتلت وربما بعد اغتصابها أيضا، علما بأن الخطأ الوحيد الذي اقترفته سرقيوة هو انتقادها في حوار مع إحدى القنوات المرئية الليبية لهجوم حفتر على طرابلس، فضلا عن إعدادها لتقرير أرسلته لمحكمة الجنايات الدولية بشأن عمليات الاغتصاب الجماعي التي ارتكبتها قوات القذافي أثناء الحرب الأهلية وارتباط تلك الجريمة بجزء من الجنود الذين يقاتلون الآن لصالح حفتر.

ويقول الكاتب إن اختطاف سرقيوة في ذلك الحين لم يثر أي استجواب برلماني في إيطاليا، وإن وسائل الإعلام تجاهلته، وربما يعود ذلك لوجود معجبين بحفتر في إيطاليا، سواء من تيار اليمين أو اليسار، وخاصة بعد تقاربه من عملاق الطاقة الإيطالي إيني في عام 2017، حيث أصبح حفتر منذ ذلك الحين مقبولا من جانب الحكومات الإيطالية التي كانت مستعدة منذ مدة للتخلي عن رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج.

 

 

 

سمعة وتحالف

ويرى الكاتب أن هذا الأمر يؤكد السمعة المتعارف عليها حول بلاده، وهي أن إيطاليا لا تنهي أبدا أي حرب تخوضها إلى جانب الطرف الذي تتحالف معه في البداية.

ويشير الكاتب إلى ما جرى خلال زيارة وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو لطرابلس حين رفع صوته مع السراج لارتكابه خطأ طلب المساعدة من أنقرة، في الوقت الذي أجرى فيه محادثات ودية للغاية مع حفتر، حيث قال له الجنرال “يجب أن تكون فخورا بنفسك لأنك من الممكن أن تكون مثالا للشباب الليبيين”، وهذا ما دفع رئيس حكومة الوفاق السراج بعد ذلك مباشرة إلى مطالبة الأتراك بتسريع الخطى نحو طرابلس.

ويشير الكاتب إلى أن البعض يبرر موقف روما هذا تجاه حفتر بـ “السياسة الواقعية”، متجاهلين أن هذه الواقعية تتجاهل الواقع، فحفتر لا يريد أي حلّ سياسي في ليبيا (وهو الخيار الذي لا يريده الراعي الأول له في مصر).

 

بيد أن اللواء المتقاعد ليست لديه أية فرصة للسيطرة على كامل التراب الليبي، وذلك ليس فقط بسبب افتقاره للرجال في أرض المعركة، بل لأن جزءاً كبيراً من الشعب الليبي يعتبره متعاونا مع العدو المتمثل في التحالف المصري الإماراتي السعودي الذي انضمت إليه روسيا فيما بعد.

 

 

 

عصابات ومرتزقة

ويشير الكاتب إلى أن الجيش الوطني الليبي مؤلف من مليشيات سلفية تمولها بعض ممالك النفط الخليجية، ومن قدامى حرب من أتباع الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، ومن مرتزقة روس من جماعة فاغنر، ومليشيات تشادية، وجنجويد سودانيين، تميزوا جميعهم في بلدانهم بفن تنفيذ المذابح والتعامل مع الشعوب بقساوة ووحشية، وعليه فإن سيطرة هؤلاء على ليبيا سيؤدي إلى فوضى عسكرية عارمة ستكون حتما أكثر دموية.

وفي سياق متصل، يقول الكاتب “وبالتالي فإن تبادل المجاملات مع حفتر، كما فعل دي مايو ووزراء آخرون في الحكومات الإيطالية السابقة، يعني تمرير رسالة للشعب الليبي بأن الإيطاليين أصدقاء لطاغية بغيض، وهي سمعة يمكن أن تعرض إيطاليا وشركة إيني لأعمال انتقامية مبررة في المستقبل. وهو الخطر الذي لا يؤخذ في الحسبان من جانب المسؤولين الإيطاليين، وذلك ربما لأن هناك اعتقادا سائدا بأن الليبيين والعرب عموما لديهم استعداد للطاعة والخنوع للرئيس المتسلط الجديد بمجرد فوزه“.

لكن الحقيقة هي أن الليبيين ليسوا كذلك وإن أفضل مثال على ذلك هو مواقف البرلمانية سرقيوة التي حصلت على مؤهلات أكاديمية من جامعات غربية مرموقة، لم يحصل عليها معظم البرلمانيين الإيطاليين.

مشكلة وحل

ويرى رامبولدي أن حفتر هو المشكلة وليس الحلّ، ويقول إنه لو كانت إيطاليا ملمّة ولديها بعض الشجاعة لكانت حاولت “التخلص منه” بدلا من مجاملته، وذلك حتى من خلال المحكمة الجنائية الدولية ولا سيما أنه ليس من الصعب مطلقا تقديم أدلة قاطعة على أفعاله السيئة.

 

ويرى أيضا أنه يتعيّن الآن على روما على الأقل الكف عن الاعتماد والتعويل على المساعدة الأميركية، والنزول إلى غمار المعركة بمبادرة إيطالية بحتة تكون بمستوى علاقاتها التاريخية مع ليبيا.

ويشير إلى أن اقتراحا بهذا الصدد كان قد قدمه أخيرا الأمين العام السابق لوزارة الخارجية الإيطالية جامبييرو ماسولا، ولكن للأسف دون جدوى.

 

ولذا فإن النصيحة التي يمكن تقديمها لـ(دي مايو) الذي لا ينقصه على كل حال مستشارون في العمل الدبلوماسي بمستويات رفيعة جداً، هي أن يعهد بالسياسة الخارجية لمن يتميز بالكفاءة والجدارة في هذا المجال، وأن يكرس وقته بدلا من ذلك لحلّ الخلافات المتفاقمة داخل حركة خمس نجوم التي يترأسها، وذلك لأنه على الأقل -كما يبدو بالفعل في نظر كثير من الدول- سيجنب إيطاليا مزيدا من السخرية.