skip to Main Content

موقف أمريكي غير حاسم من طرفي النزاع في ليبيا

موقف أمريكي غير حاسم من طرفي النزاع في ليبيا

يسود اعتقاد في أوساط حكومة فائز السراج، بتراجع الاهتمام الأمريكي بالأزمة الليبية، وحاجة طرابلس إلى جهود أمريكية “ضاغطة” لإنهاء النزاع المسلح وتحقيق السلام.

ولا تزال الولايات المتحدة تؤكد على أن الحل الممكن للأزمة الليبية لابد أن يكون سياسيا من خلال التفاوض بين طرفي النزاع الداخلي لوقف الحرب، والبدء بإجراء عملية سياسية تفضي إلى قيام دولة مدنية ديموقراطية.

لكن قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، لم تبدِ أي اهتمام بالتسوية السياسية منذ أبريل/ نيسان الماضي، معتمدة على إستراتيجية عسكرية لاقتحام العاصمة.

لم تتخذ الولايات المتحدة موقفا “حازما” من العملية العسكرية التي تشنها قوات حفتر، على العاصمة الليبية على الرغم من اللقاءات التي جمعت مسؤولين كبارا في الإدارة الأمريكية مع مسؤولين من حكومة الوفاق الوطني، في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وصدور بيان مشترك يعارض العملية العسكرية.

وتشهد الساحة الليبية صراعات إقليمية ودولية منذ بداية النزاع المسلح بين قوات الحكومة المؤقتة، الجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر، وقوات حكومة الوفاق الوطني، (الجيش الليبي) بقيادة السراج.

تتلقى قوات حفتر، دعما متعدد الجوانب من مصر والإمارات وروسيا ودول أخرى، بينما تتلقى حكومة الوفاق، ومقرها طرابلس (غرب ليبيا) المعترف بشرعيتها، دعما “سياسيا” من الأمم المتحدة ودول العالم بما فيها الولايات المتحدة وتركيا وقطر ودول الاتحاد الأوروبي.

في أبريل/ نيسان الماضي، أعلن حفتر، ساعة الصفر للهجوم على العاصمة طرابلس، ما أدخل ليبيا في موجة جديدة من العنف المسلح.

أسفر الهجوم المستمر منذ ثمانية أشهر عن مقتل أكثر من ألف شخص، بينهم أكثر من مائتي مدني، ونزوح ما يقارب 128 ألفا إلى خارج مناطق القتال حول العاصمة، وفق تقارير دولية.

وأعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، بعد أيام من الهجوم، معارضته للهجوم العسكري الذي تشنه قوات اللواء خليفة حفتر، حاثا إياها على الوقف الفوري لهذا الهجوم على العاصمة الليبية وعودتها إلى مواقعها السابقة، معبرا عن “قلق” بلاده من تداعيات القتال الدائر بالقرب من العاصمة واحتمالات تعرض المدنيين للخطر وتقويض آفاق المستقبل الأفضل لجميع الليبيين.

ومنذ تفجر الأوضاع في ليبيا، فشل المجتمع الدولي بإحلال السلام على الرغم من عقد مجلس الأمن الدولي 15 اجتماعا لمناقشة الأوضاع في ليبيا دون التوصل إلى اتفاق، بسبب تباين وجهات نظر الدول وتعارض مصالحها في ليبيا الغنية بالثروات النفطية، والتي يشكل موقعها الجغرافي أهمية استراتيجية في ما يتعلق بأمن دول الاتحاد الأوروبي التي تتخوف من الهجرة غير الشرعية عبر السواحل الليبية إلى الدول الأوروبية على شاطئ البحر الأبيض المتوسط.

وتشهد ليبيا تدخلات خارجية من دول إقليمية ومن روسيا وعدد من دول الاتحاد الأوروبي وأدوارا متناقضة تلعبها الولايات المتحدة ودول أخرى زادت من تعقيد الأزمة وعرقلة التسوية بين الأطراف المتحاربة.

وفي بيان للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية مورغان أورتاغوس، في 21 ديسمبر/ كانون الأول، أعربت فيه عن “شعور بلادها بالقلق” إزاء تهديدات قوات حفتر باستخدام القوات الجوية والمرتزقة الذين توفرهم الدول الأخرى لمهاجمة مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس)، في إشارة إلى المرتزقة الروس الذين تحدثت حكومة الوفاق الوطني قبل أيام عن وجود ما بين 600 إلى 800 من المقاتلين الروس ضمن قوات حفتر.

ووفقا لخبراء غربيين فإن مشاركة 1400 من المرتزقة الروس العاملين في شركة فاغنر للحماية الأمنية والعسكرية الخاصة، في القتال إلى جانب قوات حفتر، ساهمت في إخلال موازين القوى على الأرض لصالح هذه القوات التي تقاتل على أطراف العاصمة طرابلس.

وفي الجانب العسكري، تتلقى قوات حفتر دعما من كلٍّ من مصر، والإمارات، والأردن، وروسيا، وفرنسا، بجانب مرتزقة من السودان، بحسب خبراء في الشأن الليبي.

وكان تقرير للأمم المتحدة نشر في 9 ديسمبر/ كانون الأول، اتهم عدة شركات ودول بخرق حظر التسليح في ليبيا منذ 2011 من خلال تسليم أسلحة أو إرسال مقاتلين إلى الجانبين المتنازعين في ليبيا.

لم تتضح حقيقة الموقف الأمريكي من طرفي النزاع الليبي المسلح، كما أن الموقف الأوروبي لا يزال عاجزا عن الاتفاق على رؤية موحدة تتكفل بممارسة الضغط على طرفي النزاع وعلى الولايات المتحدة لدعم جهود الأمم المتحدة في التوصل إلى اتفاق فوري لإطلاق النار والبدء بعملية التسوية السياسية.

ومع تدخل عسكري روسي متزايد لدعم قوات حفتر والقتال إلى جانبها، حسب تقارير غربية، فإن الكونغرس الأمريكي بدأ يولي اهتماما خاصا في أوساط الحزبين الجمهوري والديمقراطي بالحرب في ليبيا.

وتقدم مشرعون بمشروع قانون في أكتوبر الماضي، إلى مجلس النواب، ومشروع قانون آخر خلال نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إلى مجلس الشيوخ، لمناقشة سياسة الإدارة الأمريكية في ليبيا والتدخلات الأجنبية وانتهاك الحظر المفروض من الأمم المتحدة على توريد الأسلحة والمعدات القتالية إلى ليبيا، وبحث إستراتيجية مواجهة تنامي النفوذ الروسي والتهديدات المحتملة على المصالح الأمريكية في ليبيا.

وأصدرت وزارة الخارجية الأمريكية، في 14 نوفمبر، بيانا رسميا دعا قوات حفتر، إلى إنهاء هجومها على العاصمة، ومنع المحاولات الروسية لاستغلال النزاع المسلح، وسبل وقف تدفق الأسلحة إلى ليبيا من الأطراف الخارجية.

تركز الإستراتيجيات المرحلية الأمريكية على دفع أطراف النزاع الليبي لرفض التدخلات الخارجية، الروسية تحديدا، واستئناف المفاوضات غير المشروطة برعاية الأمم المتحدة.

وتسعى الولايات المتحدة لضمان استمرار تدفق إمدادات النفط الليبي إلى الأسواق العالمية للحفاظ على استقرار أسعاره، بالإضافة إلى دعم مكافحة الإرهاب الذي سبق للرئيس الأمريكي أن أشاد بالجهود التي تبذلها قوات حفتر، في قتال تنظيم داعش الإرهابي جنوبي البلاد، ومنع عودته مستغلا الفوضى التي تعيشها ليبيا.

ولا تزال الولايات المتحدة، التي جددت اعترافها بشرعية حكومة الوفاق الوطني، غير ملتزمة بالعمل الجاد لإنهاء الحرب الأهلية في ليبيا، أو دعم جهود مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا غسان سلامة، والذي يدعو بشكل متواصل إلى ضرورة ممارسة المجتمع الدولي لفرض وقف فوري لإطلاق النار بإشراف الأمم المتحدة ودعم المجتمع الدولي، الولايات المتحدة ومجلس الأمن الدولي ودول الاتحاد الأوروبي.

وتشكل قوات حفتر، التي تستغل ضعف الحكومة في طرابلس، تهديدا تنظر إليه الولايات المتحدة على أنه سوف يعزز قدرات الجماعات شبه العسكرية على تحقيق مصالحها الخاصة بما يزعزع الاستقرار والأمن في ليبيا، وفق إجابات مكتوبة تقدم بها قائد القوات الأمريكية في إفريقيا الجنرال ستيفن تاونسند، إلى الكونغرس الأمريكي.

وتهتم الولايات المتحدة بإقامة دولة ديموقراطية موحدة ومستقرة في ليبيا، لكن موقفها غير الحاسم يجعل هذا النزاع مفتوحا على كل الاحتمالات.

المصدر: وكالة الأناضول