skip to Main Content

هل يستويان مثلا؟

هل يستويان مثلا؟

كيف تؤيدون أردوغان وهو يحمي الشذوذ في بلاده؟

كيف تؤيدون أردوغان وهو يحمي دور البغاء والحانات؟

كيف تؤيدون أردوغان وعلاقة بلاده بإسرائيل جيدة وحجم التبادل الاقتصادي معها كبير؟

كيف تؤيدون أردوغان وجيش بلاده علماني، يحمي العلمانية ويذود عنها؟

هل يمكن مقارنة أردوغان وبلاده حالها كما بينا، بـ “بن سلمان” وبلاده بلاد “التوحيد”؟

هذه التساؤلات، وما شابهها، مطروحة في الساحة بين الناس، وسوف يكون الجواب عنها عبر النقاط التالية:

أولا: هذه التساؤلات ليست ترفا فكريا نظريا، بل بمثل هذه التساؤلات انحاز كثير من المسلمين إلى المعسكر الصهيوني وأذنابهم من بعض الحكام العرب، واختل عند كثير من المسلمين عقيدة الولاء والبراء، فلم يعد يفرق المسلم، بين تركيا المسلمة وفرنسا الصليبية، بل صار كثير منهم منحاز إلى فرنسا وبن سلمان وبن زايد والسيسي بل ونتنياهو نفسه، بحجة أن أردوغان يرعى الرذيلة ويحرس العلمانية وهلم جرا.

ثانيا: كل من ينسب نفسه للعلم الشرعي، وجب عليه التصدي لمثل هذه التساؤلات ـ ونحوها ـ والإجابة عنها، حيث أنها تمس عقيدة المسلمين، وتقلب عندهم عقيدة الولاء والبراء رأسا على عقب، وما أرسلت الرسل الكرام إلا لبيان الحق ودحض أمثال هذه الشبهات (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل). ومن ظن أن الإجابة على مثل هذه التساؤلات من نافلة القول، أو من الجدل المذموم، أو من إضاعة الوقت، فهو محروم، لم يرد الله به خيرا، فينزله منازل الدابين عن دينه، والمدافعين عن شرعه، وأيم الله إنه لمقام محمود، شقي من حرمه، وشُغل عنه بتفريعات لا تنتهي!.

ثالثا: وللإجابة على تلك التساؤلات، سأضرب مثلا يسهل علينا الوصول للجواب الصحيح.

تصور لو أنك صرت مديرا لمدرسة في حي من الأحياء، هذا الحي أهله قد تعودوا على الفسوق والعصيان حتى صار عندهم سجية من سجياهم، ومعروف للقاصي والداني أن تلك المدرسة التي في ذلك الحي قد اجتمع فيها الشر كله، سواء على مستوى المدرسين أو مستوى الطلاب، من تبرج واختلاط وعهر وفحش وتعاطي المخدرات ونحو ذلك، وتحظى تلك السلوكيات المنحطة في تلك المدرسة بمباركة وتأييد من أهل ذلك الحي، بل يَرَوْن تلك السلوكيات من صميم هويتهم وكينونتهم، فصار ذلك عندهم بمثابة العُرف الثابت، والدستور الذي لا يقبل النقد. سلموك تلك المدرسة، وأنت رجل تريد الإصلاح، فقل لي بربك كيف ستصلح؟ وما أين ستبدأ؟ لكن مع مرور الزمن والسنين، وبصبر منك عظيم، استطعت أن تنقل تلك المدرسة من حالتها تلك، إلى حالة أفضل منها بمفاوز كبيرة جدا، مع بقاء بعض مظاهر الفساد في المدرسة هنا وهناك، ذلك الفساد الذي ليس من صنعك ولا علاقة لك به من قريب أو بعيد. لا يختلف عاقلان من البشر في أنك رجل عظيم، تركت بصمتك الإصلاحية على مستنقع من الفساد، فأخرجت من مجتمع ميت، أحياء ينيرون للناس الطريق.

قرية أخرى، عاش أهلها على الطهارة والعفة والاستقامة، فلم يكن في قريتهم فسق ومجون وتبرج وشرب خمر ونحو ذلك، مدرستهم التي في حيّهم نموذجية أخلاقيا، فتسلط عليها أحد الناس، وصار مديرا لتلك المدرسة، فلا يزال بها حتى أدخل لها جميع المنكرات، من حفلات ماجنة ومعارض هابطة وزين لهم الرذيلة والرقص المختلط وهلم جرا، فما مضت فترة وجيزة إلا وصارت تلك المدرسة وكرا للرذيلة ومعقلا من معاقل المجون. لا يختلف عاقلان من البشر، في أن هذا المدير سفيه مفسد طائش أحمق. ولا يمكن بحال من الأحوال أن نقارن المدير الإصلاحي الأول، بهذا المدير المفسد الثاني، أتمنى أن يكون ما تقدم واضح لديك.

رابعا: كل ما ذُكر من اعتراضات وتساؤلات حول دعم أردوغان للشذوذ والبغاء ونحو ذلك هو محض جهل أو افتراء، حيث أن ما يوجد في تركيا وما تراه أنت اليوم فيها ، هو صنيع أقوام قد باعوا دينهم بثمن بخس، حينما ولّوا وجوههم قِبل أوروبا النصرانية، فأسقطوا الخلافة، وتنكروا لدينهم، وحاربوا العفة والطهارة، فمنعوا المسلمة التركية من الحجاب، وحرموا الأذان بالعربية، وقاموا بتجريف ثقافة الشعب التركي نحو أوروبا الغربية، ولَم يكتفوا بذلك، بل سنوا القوانين، وكتبوا الدساتير لحماية هذا الكفر والفسوق والعصيان، وأنشأوا الأحزاب والمؤسسات والقنوات وهلم جرا لحراسة تلك الرذيلة، فنشأت أجيال في تركيا المسلمة لا تعرف من الإسلام إلا ملامح باهتة جدا، في هذا الوضع المتردي، خرج أردوغان ليصلح ما أفسد أولئك الذين لا خلاق لهم. ولو أنك تنظر إلى أردوغان من هذه الزاوية، وهي زاوية حقيقة واقعية، فستراه مصلحا، يسعى لنهضة أمته، ودفع الظلم عنها، أخرج تركيا من مستنقع الكفر والجهل والتخلف إلى مصاف الدول العظمى، في كافة المجالات، الدينية والثقافية والأخلاقية والعلمية والعسكرية والصحية وهلم جرا، وما تراه أنت اليوم من بقايا الفساد في المحتمع التركي، هو من صنيع تلك الطغمة العلمانية الفاسدة التي حدثتك عنها، ونسبة هذا الفساد الذي تراه اليوم في تركيا إلى أردوغان، كنسبة ذلك الفساد الذي كان مستشريا في تلك المدرسة لذلك المدير الإصلاحي الذي أخبرتك عنه في صدر هذا المقال. وسأشير إشارة خفيفة جدا إلى بعض الإصلاحات التي قام بها أردوغان في بعض الملفات:

  1. 1. الملف الديني والثقافي: كما أشرت سابقا، بأن الشعب التركي تسلطت عليها طغمة علمانية فاسدة، أفسدت أخلاقه وجردته عن دينه، ولا أعلم شعبا مسلما مورس عليه من أنواع التجهيل والإرهاب والقمع والتنكيل من أجل إقصائه عن دينه وهويته مثل ما مورس على الشعب التركي، وأنا لا أتحدث عن الأقليات المسلمة، إنما عن الشعوب. ومع ذلك اليوم المعاهد والمدارس الدينية منتشرة في طول البلاد وعرضها، ومظاهر التدين من حجاب وارتياد المساجد والصلاة في الجمع والجماعة والإقبال على الحج والعمرة وهلم جرا. والأهم من ذلك أن الدراما التركية تقوم بدور كبير من أجل الإصلاح الثقافي وإرجاع الشعب التركي إلى دينه وهويته، كقيامة أرطغرل، ومسلسل السلطان عبد الحميد، والمؤسس عثمان وهلم جرا.
  2. 2. ملف علاقة تركيا بالكيان الصهيوني: أذكر القارئ الكريم ثانية، بأن جميع الاتفاقيات والعهود والاتفاقيات بين تركيا و دولة الكيان الصهوني، قد أبرمت زمن الطغمة الفاسدة التي أشرنا إليها، وليست من صنيع أردوغان، وحسبك أن تعلم اليوم، أن من أكبر المعارضين والرافضين لما يعرف بـ “صفقة القرن” وبيع فلسطين والأقصى بثمن بخس، هي تركيا بقيادة رجب أردوغان، فتقف في وجه هذه الصفقة بكل السبل، بدعم المقاومة في فلسطين، وبإقامة المؤتمرات والندوات واللقاءات الدولية لدعم القضية الفلسطينية والوقوف ضد الصهاينة حتى لا تُهود القدس، وفِي الوقت ذاته نجد أنّ أكبر الداعمين لصفقة القرن هم الخونة والعملاء، من أمثال بن زايد وبن سلمان والسيسي وذيلهم في ليبيا حفتر، ومن المؤسف أنك ترى ـ أنت! ـ في هؤلاء الخونة والعملاء أولياء أمور تواليهم وتطيعهم، بل وتقاتل تحت رايتهم، وانت في حقيقة الحال تناصر الكيان الصهيوني وتقاتل تحت راية نتنياهو، وَيَا للأسف!
  3. 3. ملف الجيش التركي: من أهم عقائد الجيش التركي، حماية العلمانية وقيم ومبادئ أتاتورك، والتي تصطدم اصطداما كاملا مع قيم الدين الإسلامي، فما قبل أردوغان لا يمكن بحال من الأحوال قبول مصليا في الجيش التركي، أو قبول أي إنسان عليه أي أثر من آثار التدين، اليوم معسكرات الجيش بها مساجد ومصليات، واليوم باب القبول في الجيش التركي مفتوح على مصراعيه لخريجي المعاهد والمدارس الدينية = إمام خطيب.

خامسا: أما بن سلمان، فهو كل يوم يفسد في الأرض ولا يصلح، وكل يوم يجر بلاد الحرمين من العفة والطهر إلى الرذيلة والفساد، وهذا شي يراه عامة الناس قبل خاصتهم، وإن لم يره “السديس” و “المغامسي” و “هيئة كبار العلماء” ومن في حكمهم. فقل لي بربك كيف تقارن بن سلمان بأردوغان بعد ذلك؟

أما على المستوى الشخصي، من حيث التدين وحسن الخلق ونظافة اليد من أموال الناس والدولة، فشسع نعل أردوغان أفضل في هذا الباب من بن زايد وبن سلمان والسيسي مجتمعين.

أخيرا، أتمنى أن تقرأ مقالي هذا بعقلك وليس بهواك، وأتمنى بعد ذلك أن أراك قد هاجرت من معسكر الصهيونية الذي انت فيه، وفقك الله.